السبت، 24 يناير 2015

قصة سعيدة العمري ... من خادمة إلى معلمة ؟


أضحت، سعيدة العمري، يتيمة منذ أن كانت في الخامسة من عمرها. عاشت مع أمها وزوجها الجديد في مدينة عنك الوادعة.

عانت مبكراً من الفقر. لم تكن تملك من السعادة سوى اسمها. اضطرت أن تعمل فور أن تخرجت في الثانوية العامة. كانت في حاجة ماسّة إلى النقود؛ لتساعد أمها على إعالة إخوتها الصغار وسد جوعهم.

عملت بائعة في قرطاسية في جامعة الملك فيصل في الدمام مقابل ألف ريال راتباً شهرياً، تتقاسمه مع سائق الحافلة، التي تقلها إلى مقر عملها البعيد. وضعها القدر أمام بعض زميلاتها السابقات.

كانت تراقبهن وهن يتجوّلن ويدخلن المحاضرات بينما هي تتألم، وتسأل نفسها: متى أصبح مثلهن؟ واقعها لا يجعلها تسبح في خيالها طويلاً، توقظها أصوات الطالبات اللواتي يلححن عليها لتحاسبهن، كي يعدن إلى أحلامهن، ويتركونها تصارع قسوة الحياة وحيدة.

رغم ظروفها الصعبة وجديتها لم تجدّد الجامعة عقدها. تزامن الاستغناء عنها مع انفصال والدتها عن زوجها. فازدادت ظروفها وحالتها النفسية تعقيداً. فلا وظيفة ولا عائل ولا غذاء. لا تأكل سوى الضجر ولا تسمع سوى النحيب. فتح الله لها نافذة بعد أن كاد اليأس يخنقها.

عملت “مراسلة” في مستوصف في الدمام بـ 1200 ريال. لكن لم تستمر طويلاً. تعرّضت لمضايقات في العمل أجبرتها على مغادرته رغم حاجتها إلى كل ريال. قدّمت ملفها إلى كل مكان. ظفرت بعد معاناة بوظيفة “عاملة نظافة” في مجمع الأمير سلطان لتأهيل المعوقين في الدمام عام 2002 براتب قدره 1700 ريال.

 كانت تعتني بنحو 30 طفلاً من ذوي الإعاقة تحملهم على كتفها إلى دورات المياه لتنظفهم ومن ثم تعيدهم إلى غرفهم. وبعد أن تغادر المجمع تذهب إلى منزلها لتستعد لتخدم في إحدى الزواجات والمناسبات كـ “عاملة ضيافة” لمساعدة أمها على مصروفات المنزل. لم يذهب جهدها هباءً. بعد نحو تسعة أشهر من عملها رزقها الله من حيث لا تحتسب. تزوجت، وعُيِّنت عاملة جديدة تساعدها على العناية بالأطفال. وحصلت على ترقية.

أتاحت لها وظيفتها الجديدة الحصول على دورات في الكمبيوتر، وأخرى في التعامل مع ذوي الإعاقة، مكّنتها من العمل مساعدة معلمة في المجمع براتب 2400 ريال بتشجيع من المشرفة الفنية، هيلدا إسماعيل.

ارتدت سعيدة زي المعلمات، وارتفع سقف أحلامها، وها هي على مشارف الحصول على البكالوريوس انتساباً من جامعة الملك فيصل في تخصُّص تربية خاصّة.

أغلبنا واجه مشكلات أقل من سعيدة.. لكنها ثابرت.

إن أحلامنا كالأشجار تحتاج فقط إلى أن نسقيها لتكبر وتثمر.


بقلم عبدالله المغلوث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق